إيهاً أيها العراقي..!

إيهاً أيها العراقي..! فطن الناس قديماً إلى أن السمع نافذةٌ إلى صميم القلب، وسبيلٌ إلى أصل الاعتقاد، فـبه تُغيّر الأفكار وتقلب المبادئ ويُسَيطَر على الإنسان؛ فتغيرت لذلك صيغ التعبير وتنوعت، فمن كلام وشعرٍ وخطابة، وكل واحدة منها اندرج تحتها أقسام عدة، وكلها تصب في نفس الغرض؛ النفاذ إلى القلب بأمرٍ أو شرحٍ أو غرضٍ أو تهييجٍ أو تصويب .. وهو الأمر الذي لم يغب عن مخيلة المستشرقين -طليعة المستعمر الغربي- وخواطر المستغربين -أذناب المستعمر الغربي بيننا-، فتعددت رسائلهم إلينا وتنوعت خطاباتهم في تعظيم الغربي وخصاله، وما ذلك إلا لتصغيرنا في أنفسنا، وتحقيرنا في أعيننا، فنصير أذل من أن ننفض غبار المهانة ونثور، ونكسر قيود التبعية ونصول .. ومن أشهر تلك الرسائل التي تم "برمجة" عقولنا اللاوعية بها هي أن الرجل الغربي المتحضر يقرأ في السنة كذا وكذا كتاب، فهو مثقّفٌ مطّلعٌ، قاده علمه واطلاعه إلى هذا الرقي الفاتن والحضارة الجذابة. ثم خرجت الدراسات الكاذبة والأبحاث الغربية المنحازة لتدعم هذه الفرضية، وبناء عليها أصبحنا نتمرغ في مازوخية قذرة، يجلد أحدنا قومه وبني جلد...