المشاركات

عرض المشاركات من أكتوبر, 2021

ألم الغياب

صورة
ألم الغياب أحدثكم اليوم عما يخالجني من حنين، عن شوق يملؤني لمن غابوا عني، ذكريات تأسرني في الماضي، فتجعل المضي قدماً أمراً صعباً، فلا أنا في الماضي أستمتع فيه ، ولا في الحاضر أعيشه بتفاصيله ، ولا أعلم عن المستقبل شيئاً .. من مرّ بما مررت به يعي ما أقول، فالمرء  يصبح في اللازمان، قلبه في زمان وقالبه في زمان آخر .. حديثي اليوم مليء بالشعر، فهو سلوان العربي وصوت قلبه، صورة عاطفته ومشاعره، يعبر به بما لا يستطيع النثر سرده، فينشده الراثي وكبده تتقطع، والبائن ونفسه تتوق إلى وصلٍ قريب يشفي به غليله .. ولم أذكر الراثي والبائن هنا إلا لارتباطهما بالموضوع، فهذه الورقات تحكي عن البعد والغياب .. ما أبلغها من كلمة وأعمقها من أسئلة تلك التي افتتح بها المتنبي أحد أجمل قصائده؛ بمَ التعلّل لا أهلٌ ولا وطنُ؟ ** ولا نديمٌ ولا كأسٌ ولا سكنُ..؟ تمثال المتنبي في بغداد   نعم؛ مالذي يبقى إن غاب الأحباب والوطن..؟ إن الغياب قطعة من العذاب، فبه يتولد الشوق المؤلم .. أفلا تنظرون إلى حال السجين والأسير..؟ إن السجين يتألم بحبسه، والشوق لأحبابه يذكي نار الألم في قلبه، فهو ليس مصدر أملٍ ل...

حديث النخلة من الكنيسة..!

صورة
  حديث النخلة من الكنيسة    انطلقت بنا السيارة جنوباً إلى أحد أفقر أحياء مدينة دالاس الأمريكية وأخطرها، وذلك آداءً لصلاة الجمعة في (مسجد الإسلام) أحد  مساجد المدينة القليلة، ومن العجيب أن كثيراً من سكان هذا الحي الفقير والخطير هم من المسلمين ، والفقر المدقع هو سمة المسلمين السود في هذه البلاد، فلا تكاد تجد مسلماً من طبقة متوسطة مستورة إلا أن يكون مهاجراً .. هذا الحي الفقير والخطر جُل من يقطنه هم الأمريكان السود، وفيه كنيسة صغيرة قديمة مهجورة كعادة أغلب الكنائس في الغرب، فدور العبادة عندهم هي أماكن للزواج والعزاء فقط، أما المرتادين لها بشكل دوري فقليلٌ ما هم .. مسجد الإسلام وهذه الكنيسة اشترتها أحد الجماعات السوداء العنصرية المتطرفة وتدعى (جماعة أمة الإسلام) والتي تؤمن بأفضلية العرق الأسود، وأن الأنبياء كانوا سود، وأن زعيم الجماعة إيلايجا محمد هو آخر الأنبياء والمرسلين، وقد قويت شوكة الجماعة في فترة الستينيات والسبعينيات فصار لهم السلاح والرجال والأموال، فاشتروا عدداً من المراكز والكنائس في مختلف الولايات لتحويلها لمراكز تروج للجماعة وتنظّر لها، وكانت هذه الكنيسة أحد ...

موت وسط المواخير !

صورة
موت وسط المواخير..! أرأيتم لو أن رجلاً قام في يوم عرس أحدهم وأخذ المايكروفون [1] وألقى على الناس موعظة عن الموت؛ أفيسلم من ألسنتهم؟ هذا إن أكمل حديثه أصلاً؛ ولم ينتزع منه المايكروفون أحد الحاضرين..! فما ظنكم لو أن هذا الزوج في ليلته الأولى مع زوجته وَعَظَها عن الموت؛ ألن تشك هذه الزوجة المسكينة في سلامة عقل هذا الذي اختارته زوجاً لها..؟ الجواب بسيط .. فهل هناك أنكى على النفس من ذكر الموت؟! أكثر تنغيصاً لها من الموت..؟! لا زال الموت هو الواعظ الأشد رغم صمته؛ فما من سعادة إلا وينهيها ، ولا لذة إلا ويهدمها ، ولا متعة إلا ويسلبها .. أعلم أني قد دخلت عليكم فجأة بدون تقديم أو تمهيد ، أو حتى اعتذار عن هذا الغياب الطويل ، فأرجو المعذرة منكم ، ولكن الأمر استوقفني ولم أستطع أن أُمِرّه قبل أن أسطّره لكم لأنظر ماذا تقولون .. كما يعلم المقربون فقد انتقلت للعيش في الولايات المتحدة الأمريكية، مفارقاً بلاد العرب والمسلمين كارهاً والله لا راغباً، منعنا دفترٌ [2] صغير يدعى "جواز السفر" من أن نعيش بكرامة ، حيث صار هذا الدفتر هو سبب التفاضل بين الناس والتمايز بينهم ؛ ولم يعد لا للع...