ألم الغياب
ألم الغياب أحدثكم اليوم عما يخالجني من حنين، عن شوق يملؤني لمن غابوا عني، ذكريات تأسرني في الماضي، فتجعل المضي قدماً أمراً صعباً، فلا أنا في الماضي أستمتع فيه ، ولا في الحاضر أعيشه بتفاصيله ، ولا أعلم عن المستقبل شيئاً .. من مرّ بما مررت به يعي ما أقول، فالمرء يصبح في اللازمان، قلبه في زمان وقالبه في زمان آخر .. حديثي اليوم مليء بالشعر، فهو سلوان العربي وصوت قلبه، صورة عاطفته ومشاعره، يعبر به بما لا يستطيع النثر سرده، فينشده الراثي وكبده تتقطع، والبائن ونفسه تتوق إلى وصلٍ قريب يشفي به غليله .. ولم أذكر الراثي والبائن هنا إلا لارتباطهما بالموضوع، فهذه الورقات تحكي عن البعد والغياب .. ما أبلغها من كلمة وأعمقها من أسئلة تلك التي افتتح بها المتنبي أحد أجمل قصائده؛ بمَ التعلّل لا أهلٌ ولا وطنُ؟ ** ولا نديمٌ ولا كأسٌ ولا سكنُ..؟ تمثال المتنبي في بغداد نعم؛ مالذي يبقى إن غاب الأحباب والوطن..؟ إن الغياب قطعة من العذاب، فبه يتولد الشوق المؤلم .. أفلا تنظرون إلى حال السجين والأسير..؟ إن السجين يتألم بحبسه، والشوق لأحبابه يذكي نار الألم في قلبه، فهو ليس مصدر أملٍ ل...