المشاركات

عرض المشاركات من يناير, 2023

كتابنا يُحرق فماذا لو كان لنا خليفة؟

صورة
  كتابنا يُحرق فماذا لو كان لنا خليفة؟ جميعنا رأى أو سمع عن ذلك الخنزير الدنماركي الذي استدعته الحكومة السويدية ليحرق مصحفًا أمام السفارة التركية بالسويد ردًا على رفض تركيا انضمام السويد إلى حلف الناتو؛ فهبّت المظاهرات تنديداً ونصرةً لكتاب الله تعالى في عدة عواصم إسلامية، وخرجت بيانات الاستنكار الهزيلة من هنا وهناك؛ الأمر الذي ذكرني بقصيدة الحكيم أبي تمام التي ذاع صيتها وسارت بها الركبان والتي يقول في مطلعها: السَيفُ أَصدَقُ إنباءً مِنَ الكُتُبِ في حَدِّهِ الحَدُّ بَينَ الجِدِّ وَاللَعِبِ بيضُ الصَفائِحِ لا سودُ الصَحائِفِ في مُتونِهِنَّ جَلاءُ الشَكِّ وَالرِيَبِ   نعم .. قالها صريحة وواضحة؛ لا يزول الريب ولا تزاح النازلة إلا ببيض الصفائح لا سود الصحائف، لكن تكلفة البياض أعلى من السواد، وقليلٌ من يدفع ثمنها ..  ثم يأتي من بعده الأبيوردي بسنين متعجبًا وساخطاً على من ظنوا أن "تسويدهم" يكفي كإنكارٍ منهم على مصائب الأمة، وقد رُفِعت عنهم به الملامة وقرّت أعينهم بنومٍ عميقٍ وضمير مُشفَى؛ فيقول: أَتَهويمَةً في ظِلِّ أَمنٍ وَغِبطَةٍ وَعَيشٍ كَنُّوارِ الخَميلَةِ ...

مــهـد !

صورة
  مهد   أجلس متكئًا على أحد سواري المسجد بعد صلاة الفجر، أُعِدّ نفسي لاستقبال يومٍ جديد لا أدري كيفه، أردد أذكاري بلساني، أما قلبي فيجيء مرة ويذهب مرارًا، فأنا كثير الشرود؛ الأمر الذي أحاول مقاومته والسيطرة عليه ولكن دون جدوى، فبشرودي أُستفزّ لفكرة عجيبة، أو لفتة لطيفة، فهي سيئة من جهة وحسنة من أخرى، أشعر معها بإنسانيتي، ولولاها لما التفتّ لما يستوقفني .   ولم يقطع علي شرودي إلا صوت أحدهم خلفي يتلو ورد حفظه من القرآن على شيخه، ومثل هذه المشاهد في بلاد الكفر البعيدة تبعث علىالقلب روحانية خاصة، وفخرًا واعتزازًا كونك فردًا من هذا الدين العظيم الذي يكتسح العالم اكتساحاً ليخرج البشرية من جاهليتها إلى نور التوحيد  ..   كان الطالب (الذي عرفت فيما بعد أن اسمه مهد وهو من شرق آسيا ومن مواليد كندا) يتلو القرآن تلاوة متتعتعة لعُجمة لسانه، لكنها بالنسبة لحال أمثاله فوق المقبولة، فجلست أستمع إليه غافلًا عما كنت بصدده، وإذا به يصل إلى قوله تعالى من سورة الأنعام (وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَمِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ) ؛ فكان يقر...

علّمتني ٢٠٢٢ !

صورة
  علّمتني ٢٠٢٢ تختلف أحوال البشر في تعاملهم مع خبر انقضاء عامٍ وبزوغ شمس أول نهار من العامٍ الجديد، فبين مدركٍ له واعٍ بذهاب بعضه واقتراب أجله، وبين غافلٍ لاهٍ لا يدري عن شجرة عمره التي تتساقط أوراقها من حوله، وأغلب الناس بين هذا وذاك. وإن من أسس ديننا الحنيف السعي نحو تزكية النفس وتنقيتها من كل العلائق والشوائب، فيستمر هذا السعي حثيثاً حتى يضع المرء قدمه في الجنة، فالشيطان ماكثٌ على جنبات طريقه، خلف آكام شهواته وبين أحراش ابتلاءاته، ينظر إليه نظر الحانق المتربّص، وماهي إلا طرفة يطلقها المسكين أو خطرة يحيكها إلا ويستغلها هذا الكامن أيما استغلال بخبرته الطويلة وحقده الدفين، فيجعل الطرفة تعلقاً، والخطرة همّاً، فيغفل القلب ويُشغل العقل، ثم يمتطيه شيطانه كما يمتطي دابته البلهاء، ممسكاً بيده العصا والجزرة، وما العصا إلا ألم النفس ووحشة القلب وانقباضه، وما الجزرة إلا أمانيه وشهواته وملهياته، فلا يزداد المرء بإقباله عليها وانغماسه بها إلا طمعاً، ولا يزال يطلب منها المزيد والمزيد ولا يشبع، فلا هو بالذي هرب من آلام نفسه ولا هو بالذي شبع من اللذائذ والرغائب التي ظنها علاجاً له وفراراً، فيحيد...