حديث النخلة من الكنيسة..!

 

حديث النخلة من الكنيسة 

 

انطلقت بنا السيارة جنوباً إلى أحد أفقر أحياء مدينة دالاس الأمريكية وأخطرها، وذلك آداءً لصلاة الجمعة في (مسجد الإسلام) أحد  مساجد المدينة القليلة، ومن العجيب أن كثيراً من سكان هذا الحي الفقير والخطير هم من المسلمين ، والفقر المدقع هو سمة المسلمين السود في هذه البلاد، فلا تكاد تجد مسلماً من طبقة متوسطة مستورة إلا أن يكون مهاجراً ..

هذا الحي الفقير والخطر جُل من يقطنه هم الأمريكان السود، وفيه كنيسة صغيرة قديمة مهجورة كعادة أغلب الكنائس في الغرب، فدور العبادة عندهم هي أماكن للزواج والعزاء فقط، أما المرتادين لها بشكل دوري فقليلٌ ما هم ..

مسجد الإسلام

وهذه الكنيسة اشترتها أحد الجماعات السوداء العنصرية المتطرفة وتدعى (جماعة أمة الإسلام) والتي تؤمن بأفضلية العرق الأسود، وأن الأنبياء كانوا سود، وأن زعيم الجماعة إيلايجا محمد هو آخر الأنبياء والمرسلين، وقد قويت شوكة الجماعة في فترة الستينيات والسبعينيات فصار لهم السلاح والرجال والأموال، فاشتروا عدداً من المراكز والكنائس في مختلف الولايات لتحويلها لمراكز تروج للجماعة وتنظّر لها، وكانت هذه الكنيسة أحد هذه المشتريات، فرمّموها وأزالوا آثار المسيحية منها وحولوها إلى مسجد تابع للجماعة قبل 60 عاماً سموه (مسجد الإسلام) ..



وبعد موت إيلايجا الدجال وفضح أكاذيبه باعتراف خلفائه من بعده انضم المسجد للمراكز والمنظمات الإسلامية التي أسسها مالكوم إكس ومحمد علي كلاي رحمهما الله، وعاد المسجد حينئذ للإسلام الحقيقي والسنة من جديد.


الدجال إيلايجا محمد زعيم جماعة أمة الإسلام


مالكوم إكس مع محمد علي كلاي

مالكوم إكس مع الملك فيصل آل سعود

أود أن أسرد لكم قصة الصراع بين جماعة إيلايجا الكذاب ومالكوم إكس لكنني أخشى الإطالة وأن تقطعوا مقالتي في المنتصف؛ فرأيت أن أفرد لهذه الحكاية العجيبة مقالاً يوماً ما.

عموماً .. فقد عاد المسجد للإسلام والسنة، ومرت السنين ولم يتم تجديد البناء أو بناء مسجد جديد لأهل الحي لانعدام المال ، فكان المسجد متهالكاً ونحن في داخله نردد يا رب سلم سلم ..!

مسجد أمة الإسلام من الداخل


ارتقى الإمام المنبر الخشبي وسلم علينا وارتفع الأذان ..

أمريكي أسود في أواخر العشرينات من عمره ؛ عند سماعك للغته العربية السيئة إذا قرأ الآيات تعلم أنه مسلم جديد ..

دائماً ما تجعلني خطب الجمعة هنا متعجباً ، إمامٌ أسود ومسجد في أمريكا والمصلون رومي وعربي وسندي وهندي وتركي وأفريقي ومما لا أعرفه من الأعراق..!




أتذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم:

(ليبلغنَّ هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك اللهُ بيتَ مَدَرٍ ولا وَبَرٍ، إلا أدخَله الله هذا الدين بعزِّ عزيز أو بذلِّ ذليلٍ، عزًّا يُعِزُّ الله به الإسلامَ، وذلًّا يُذِلُّ الله به الكفر).

ثم انظروا كيف سخر الله لمسلمي هذه المنطقة إيلايجا محمد الدجال وجماعته فاشتروا الكنيسة وتحولت إلى مسجد ثم إلى السُنة، كأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقصده حين قال:

"‏إِنَّهُ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ‏"‏‏.

على أي حال؛ أنهى الإمام خطبته، وكانت عن حديث النخلة ..

يحكي عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سألهم يوماً:

"إنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لا يَسْقُطُ ورَقُهَا، وهي مَثَلُ المُسْلِمِ، حَدِّثُونِي ما هي؟"

يقول عبدالله: فَوَقَعَ النَّاسُ في شَجَرِ البَادِيَةِ، ووَقَعَ في نَفْسِي أنَّهَا النَّخْلَةُ، فَاسْتَحْيَيْتُ ..

فَقالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، أخْبِرْنَا بهَا؟

فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ:

"هي النَّخْلَةُ"

قَالَ عبداللَّهِ: "فَحَدَّثْتُ أبِي بما وقَعَ في نَفْسِي، فَقَالَ: لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أحَبُّ إلَيَّ مِن أنْ يَكونَ لي كَذَا وكَذَا."

وذكر الخطيب بعده العديد من أوجه الشبه بين المسلم والنخلة ، الأمر الذي استوقفني للتأمل..! ، وكان مما ذكر:

أن النخلة طويلة شامخة عما حولها، كالمسلم يترفّع عن سفاسف الأمور وسخيفها وسمجها..

وأنها مستقيمة فلا تكاد تجد نخلة متعرجة، كالمسلم المستقيم على أمر ربه أو الساعي للاستقامة بسؤاله ربه إياها 17 مرة في اليوم (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ* صراط الذين أنعمت عليهم)..

وأن أوراقها خضراء طوال أيام السنة، ليست كباقي الأشجار التي منها ما يخضرّ ثم يحمرّ ثم يصفرّ ثم يتساقط وهكذا على مدار السنة، فالمسلم واجب عليه القيام بأمور دينه طوال حياته، وأن لا تكون عبادته موسمية كالجمعة ورمضان ..

وأيضاً أن أوراق النخلة طويلة وتظلّل ما تحتها، وتطعم من حولها من ثمارها، كالمسلم يهتم بأهله ومحيطه وينعم بفضله وسلامه وصدقته وخيره وخُلُقه على من هم حوله..

 

اللهم صيّرنا على الصورة التي ترضى بها عنا ..




 

تأملوا حديث النخلة وفكروا في أوجه الشبه أكثر، وشاركونا تأملاتكم

 

ختاماً .. كونوا كالنخلة !

دمتم في رعاية الله

 

 

عبدالله الحماطي

 

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

26 سبتمبر – يوم من أيام الله

102 عام على مذبحة قافلة الحجاج اليمانية

ملحمة بليفنا .. وصمود الأبطال