أرواحنا رحلت في إثر من رحلوا

 

أرواحنا رحلت في إثر من رحلوا

 

كنت متردداً اليوم هل أكتب عن هذه المصيبة الكبيرة التي حلّت علينا والرزء العظيم الذي رزئنا به أم أكتفي بما كتبه وخطه الكثيرون؟

كانت مشاهد أيام الزلزال الأولى على إخواننا في سوريا خصوصاً ومن ورائها تركيا ناراً تشتعل في قلبي وغصة تتردد في صدري وحقداً يُذكى بين جنبي على من خذلهم .. لم أستطع أن أكتب هذه السطور وقتئذٍ، وإن كتبتها فإني أخشى ما سأخطه فيها، لأني سأفرغ فيها غضبي وحنقي، والغضبان لا تؤمن كلماته .. ثم الآن وقد مر على الكارثة قرابة الأسبوع وبعد أن نجا القليل من إخواننا واستشهاد الآلاف وبعد أن استفاد من معاناتهم من استفاد؛ استحال غضبي الدفين إلى برود وتبلّد واكتئاب .. أستغفر الله ولكنه أشبه ما يكون بيأس مخبوء في ثنايا قلبي أواريه بكلماتي وتشجيعي لمن حولي .. 

كثرة اللاهين عن مصاب إخوانهم، وفساد السلطان في زماننا، وموت الضمائر والحمية في الناس، ورقّة الدين المنتشرة، وثروات الأمة المحتكرة في قبضة فئة قليلة مبذرة مسرفة هي أقرب إلى النفاق منها إلى الإيمان؛ وغيرها وغيرها من الأمور تصيّر القلب الدامي المتقرّح إلى متبلّد متصلب ..




في مقطع لأحد إخواننا السوريين ممن نجا يرثي أهله وجيرانه وبلده، وهو يشرف عليهم من مرتفع عالٍ، ينظر إلى تلك الأنقاض التي تحوي تحتها فلذات أكباد أمتنا الجريحة؛ وينشد أبياتاً تتصدع لها القلوب الحية، يقول:

كيف اللقاء وقد شطت بنا السبلُ
        وذرفت من دمٍ في ليلها المقلُ
وكيف ننسى بتلك الدار لَمّتنا
        وهل بمأساتنا يحيى بنا أملُ
مرابع الروح ما جفت شواطئها
        وذكريات لنا في الصدر تشتعلُ
يا دار فيك تركنا بعض مهجتنا
        فهل للقياكِ يبقى عندنا أجلُ
تبكي الزوايا فكم ضمت لنا قصصاً
        وفي الفناء خطى لم يمحها هطِلُ
وفي الشبابيك آهات مخبأةٌ
        الليل يعرفها والشمس والظُللُ
غصنٌ يمد على الجدران أذرعه
        مرحباً ضيوف البيت إذ وصلوا
للعز قد نُذرت تلك الديار فكم
        في حضنها شبّت الأخلاق والمثلُ
عند الوداع انثنت جدرانها ألماً
       ودت لو احتُمِلت في رحل من حملوا
فكيف لم تزهق الأرواح حين نأت
        وكيف لم ينفطر قلبٌ إذ ارتحلوا
حتى الحجارة قد حنّت لساكنها
        فكيف بالقلب إذ ضاقت به الحيلُ
يا صاح لا تحسب الجدران من حجرٍ
        بل أنفسٌ في سكون الليل تبتهلُ

        لله نشكوا إذا ما الشوق أوجعنا

       أرواحنا رحلت في إثر من رحلوا


أعلم أنه لا ييأس روح الله إلا القوم الكافرون ولكن يا ربي متى نصرك الذي وعدت؟ .. انحدرت الدموع وتضرعت الوجوه وتوجهت القلوب ورُفعت الأيدي ولهجت الألسن بالاستغاثة بك يا رب وأنت الرحمن الرحيم السميع العليم .. اللهم إنا نشكوا إليك ضعف قوتنا، وقلة حيلتنا، وهواننا على الناس، يا رب إلى من تكل المسلمين؟ إلى عدو يتجهمهم؟ أو إلى قريب ملكته أمرهم؟ يا رب إن لم تكن غضبان علينا فلا نبالي، غير أن عافيتك أوسع لنا، يا رب نعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن تنزل بنا غضبك، أو تحل علينا سخطك، يا رب لك العتبى حتى ترضى، يا رب لك العتبى حتى ترضى، يا رب لك العتبى حتى ترضى، لا حول لنا ولا قوة إلا بك.

 



أنفقوا أيها المسلمون .. 

أنفقوا عسى صدقاتنا تطفئ غضب ربنا .. 

أنفقوا عساها تمسح عنا خزينا وذلّنا وهواننا ..


رابط  التبرع لإخواننا السوريين المنكوبين مباشرة عبر فريق ملهم:

https://molhamteam.com/campaigns/439


حساب فريق ملهم التطوعي في توبتر:

https://twitter.com/molhamteam?s=11&t=NErnb-AnDmztYRtYcUA_OA

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ملحمة بليفنا .. وصمود الأبطال

القاتل الوسيم .. ورسالة للآباء !

26 سبتمبر – يوم من أيام الله