متلازمة ستوكهولم الشيعية: هل أحبّ عليٌّ من ظلمه؟!
يزعم الزيدية وعموم الشيعة المهابيل أن الصحابة رضوان الله عليهم قد تآمروا أو أخطؤوا - على أقل تقدير - في حق علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم؛ وذلك في منعه من "حقه الشرعي" في الخلافة بعده صلى الله عليه وسلم.
فذهب الإمامية إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم قد استخلف علياً بالاسم صراحةً، لكن الصحابة قد أخفوا هذا النص وكتموه، فكفروا بذلك إلا نفراً يسيراً.
بينما ذهب الزيدية إلى أن استخلاف علي كان بالوصف لا بالتسمية، وتأرجحت الجارودية منهم بين تكفير الصحابة وتفسيقهم.
وذهبت البترية وروّاد مدرسة التجديد اليمنية (باستثناء الشوكاني وابن الوزير) وعوام الزيدية اليمنية المعاصرة وعدد من مُبرّزيهم إلى تخطئة الصحابة خطأً لم يبلغوا به درجة الكفر أو الفسق، وأنهم اجتهدوا في ذلك، لكن لم يصيبوا الحق؛ وعُذرهم أن الصحابة لم يفهموا إشارات النبي صلى الله عليه وسلم بتولية علي بعده، وتلميحاته لهم طيلة سنوات عمره!
وهؤلاء المُخطِّئة أقرّوا ضمنيًا أن الصحابة رضوان الله عليهم فيهم شيء من العته والبلاهة والبلادة!
فكيف تتكرر عليهم إشارات معينة مرارًا وتكرارًا ولا يفهموها؟!
ثم إن قولهم هذا غير مستساغ أصلاً، فكيف يجتمع أكثر من 120 ألف صحابي على أمرٍ معين باطل، وقد قال الله سبحانه وتعالى ممتنًا على نبيه:
﴿وَأَلَّفَ بَیۡنَ قُلُوبِهِمۡۚ لَوۡ أَنفَقۡتَ مَا فِی ٱلۡأَرۡضِ جَمِیعࣰا مَّاۤ أَلَّفۡتَ بَیۡنَ قُلُوبِهِمۡ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَیۡنَهُمۡۚ إِنَّهُۥ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ﴾ [الأنفال: ٦٣]
فلم يستطع النبي صلى الله عليه وسلم أن يجمع الصحابة كلهم على الحق بعد الحروب والثارات والأهواء والمصالح المتضاربة، إلا بمعونة الله وتيسيره،
فكيف يجتمعوا هم على باطل؟!
أيكون عزمهم على الاجتماع والتوحد على أمر باطل أشد من عزم النبي صلى الله عليه وسلم على الحق، ولو أنفق عليه ما في الأرض جميعًا؟!
ذاك لعمري في المقال شنيع!
يقول الإمام أبو جعفر الطبري رحمه الله في تفسيره لهذه الآية:
"يريد جلّ ثناؤه بقوله: ﴿وألّف بين قلوبهم﴾، وجمع بين قلوب المؤمنين من الأوس والخزرج بعد التفرق والتشتت، على دينه الحق، فصيّرهم به جميعًا بعد أن كانوا أشتاتًا، وإخوانًا بعد أن كانوا أعداء. وقوله: ﴿لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألّفت بين قلوبهم﴾، يقول تعالى ذكره لنبيه محمد ﷺ: لو أنفقت، يا محمد، ما في الأرض جميعاً من ذهب ووَرِق وعَرَض، ما جمعت أنت بين قلوبهم بحَيْلك (أي: حولك وقوتك)، ولكن الله جمعها على الهدى فأتلفت واجتمعت، تقويةً من الله لك، وتأييدًا منه، ومعونة على عدوك".
حسنًا... سلمنا جدلًا أن عليًّا ظُلم من كل الصحابة، وجعلوا الخلافة في أبي بكر.
فلماذا لم يُصرّح علي رضي الله عنه عند توليه الخلافة، وأمنه بين شيعته أنه قد ظُلم وهُضِم حقه؟!
وإن زعم أحدهم أن عليًا صرّح بهذا في "الخطبة الشقشقية" المنسوبة له في "نهج البلاغة"،
فكيف يمدح عليٌّ نفسه أبا بكر وعمر في "نهج البلاغة" أيضًا؟! وهم قد ظلموه في اجتهادهم؟!
ثم تجد عليًّا رضي الله عنه قد سمّى أبناءه: أبوبكر، وعمر، وعثمان،
وزوّج ابنته لعمر بن الخطاب رضي الله عنهم أجمعين!!
فكيف يُعقل هذا؟!
إلا أن تزعموا أن عليًّا رضي الله عنه قد أصيب بـ"متلازمة ستوكهولم" النفسية والتي جعلته يحبُّ ظالميه!...
بل حتى من حاربه من الصحابة، لم يُنقل عنه رضي الله عنه أنه طعن فيهم أو اتهمهم بظلمه، بل على النقيض، كان يقول كما في "نهج البلاغة":
"والظاهر أن ربّنا واحد، ودعوتنا في الإسلام واحدة، ولا نستزيدهم في الإيمان بالله والتصديق برسوله، ولا يستزيدوننا، الأمر واحد، إلا ما اختلفنا فيه من دم عثمان، ونحن منه براء."
أيضًا، لماذا لم يُصرّح الحسن بن علي - وهو في موضع القوة وقد بويع بالخلافة واحتشد له الألوف في جيشه - أن أباه كان مظلومًا؟!
ولا الحسين الشجاع أيضًا؟!
ثم الجارودية القديمة، وابنتها الهادوية، ومعهم الإمامية؛
يجعلون الخلافة في آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم عمومًا،
فكيف يسلم الحسن بن علي الخلافة لمعاوية رضي الله عنهم،
وهو يعلم - بزعمهم - أن هذا منكر ومخالف لوصية النبي صلى الله عليه وسلم؟!
وأن آخذها هو معاوية الذي يلعنه الشيعة ويسميه المقبلي (وهو المعتدل فيهم) بـ"سيد الجبابرة"؟!
هل يُعقل أن تُغتصب الخلافة منهم مرارًا وهي حقهم الشرعي، وهم يسكتون عن هذا الظلم؟!
أين إنكار المنكر؟ وأين الغيرة على شرع الله؟!
سأخبرك بأحد الأسباب ..
تخصص الزيدية على مر الزمن في انتقاء الأخبار والروايات التي تخدم سرديتهم المليئة بالثغرات المنهجية والتاريخية، واتكؤوا في انتقائيتهم هذه على الروايات الضعيفة والساقطة خصوصًا، وعزّزوا تلك المرويات المظلمة بأقوال أئمتهم المتأخرين، ليرأبوا بها صدوع دينهم المتهافت، فظهرت لنا هذه التناقضات الجلية الفاضحة التي واحد منها كفيلة بإسقاط دينهم
فصارت أقوال ابن سليمان، وابن حمزة، بل وحتى مجد الدين،
تُوازي عندهم أقوال الرعيل الأول المفضَّل من الصحابة والتابعين وأتباعهم!
واتّسمت مروياتهم عمومًا بـغموض النصوص وإجمالها،
ومخالفتها لحال عليّ رضي الله عنه وأهل بيته،
إلى ما قبل ثورة زيد بن علي الخارجي.
واستكثروا من الرجال بنسبة كل مجهول إلى الزيدية،
ونسبة الكثير من المخالفين من أهل السنة ومن الشيعة الإمامية إلى المذهب الزيدي،
كما فعل الوجيه الهالك في كتابه "أعلام المؤلفين الزيدية"،
فهذا الاستكثار يزيد مصداقيتهم عند العوام ويُقوّي حججهم الزائفة.
ختامًا...
إن الطعن في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم هو طعنٌ متعدٍ إلى عليّ بن أبي طالب نفسه
فإما أنها افتراءات شيعية خبيثة لترقيع دين ساقط قائم على مظلومية مفتراة ..
وإما أن عليًّا رضي الله عنه - وحاشاه - ضعيفٌ مهزوز الشخصية، مصابٌ بمتزج نفسي جعله متعلقًا عاطفيًا بمن ظلمه،
وأن أهل بيته أذلّة، خانعون، خانوا الشريعة وصاحبها بتسليم أمر رقاب المسلمين إلى عدو الله معاوية
(رضي الله عنه... وحاشاه)!
تعليقات
إرسال تعليق